حكاية وطن - جولة في نابلس

يقول الشاعر الفلسطيني محمود درويش: "على هذه الأرض سيدةُ الأرض، أم البدايات أم النهايات. كانت تسمى فلسطين, صارت تسمى فلسطين."... لأنها فلسطين ولأنها الوطن, الهوية, الانتماء وعنوان التضحيات, لأنها الحضن الدافئ لجميع أبنائها. لأنها أم الشهداء قبل أمهاتهم وبيت الأسرى حتى في سجنهم. أليس من واجبنا أن نوفيها حقها ونعرف تاريخها ونحفظ آثارها وأن نجدد تراثها المتتابع منذ الأزل. من هذا المنطلق؛ نظمت جمعية أيدي جيل المستقبل أولى رحلاتها ضمن برنامج حكاية وطن والذي ينظم رحلات عديدة داخل نطاق الوطن, بحيث تكون كل رحلة لمحافظة معينة يشمل زيارة تعريفية بتاريخها وآثارها وسكانها القدامى. كانت أولى هذه الرحلات في مدينة نابلس تم خلالها زيارة البلدة القديمة سيراً بأزقتها ورؤية أشهر معالمها الأثرية.

كان خان الوكالة هو نقطة التجمع للمشاركين في البرنامج والبالغ عددهم 28 مشاركا جلهم من الشباب إضافة لفريق من شبكة أصداء الإخباري, ومن هنا كانت بداية الرحلة وبداية برنامج حكاية وطن. قام السيد رفيق حداد بدور المرشد التاريخي حيث قدم شرح تاريخي عن الأمكنة التي تم زيارتها وإجابة كافة الاستفسارات التي وجهها المشاركون, يقع خان الوكالة على أطراف البلدة القديمة ويطل على أحد مداخلها, ويعد من اعرق الأماكن ذات الأهمية التجارية حيث كان قديما نقطة تجمع للتجار القادمين من الدول والمدن المجاورة ويقدم الخان سائر الخدمات التجارية اللازمة لهم إضافة لأنه كان يحوي أماكن خاصة لمبيت التجار وبضائعهم. بعد أن تعرف المشاركون عن تاريخ المكان ومشاهدة المعالم الأثرية داخله توجه المشاركون إلى أزقة البلدة القديمة, مرورا بالمحلات التجارية العريقة والمشهورة ومشاهدة المساجد الأثرية العديدة داخل البلدة وأشهرها مسجد النصر والمسجد الصلاحي الكبير, إضافة لعيون الماء والتي أنشأ عليها سكان المدينة القدماء عدد من سبل الماء لتروي عطش زوار المدينة وساكنيها, والتي ما زالت إلى الآن تزود المدينة بمائها العذب وأشهرها نبع القريرون. وتابع المشاركون سيرهم بين أزقة البلدة وساحاتها وصولا للقصور القديمة والتي سكنها كبار العائلات آن ذاك ومنها قصر نعيم عبد الهادي الذي حوِّل لمركز التنمية والموارد بعد أن تبرع به مالكيه لبلدية نابلس وقصر آل أغا النمر والذي ما زال يستخدم كديوان للعائلة, بعد ذلك توجه المشاركون لمصبنة النابلسي والتي تعد من أقدم مصانع الصابون الموجودة في مدينة نابلس المشهورة بصناعة صابون زيت الزيتون منذ القدم, كان مقهى الشيخ قاسم هو آخر محطة للرحلة حيث تناول المشاركون فيه غدائهم ضمن جلسة ثقافية جميلة في حديقة المقهى العريق مع اخذ صور تذكارية في المكان.

أبدى المشاركون اهتماما واضحا بالتعرف على آثار الوطن حيث استمعوا خلال الرحلة لقصص تاريخية لم يعرفوها مسبقا على حد قولهم, ولم يتم تدريسها ضمن المناهج التعليمية المدرسية أو حتى الجامعية. كان لهذه القصص أثر كبير في توليد الاهتمام والمحافظة على ما تبقى من آثار الوطن بين سائر الشباب الفلسطيني والذي بدوره يعمق انتماء الشباب لوطنه, بالإضافة إلى تعريف المشاركين بأجمل المناطق والتي لم يسبق للبعض زيارتها وضاعف هذا النشاط رغبة الشباب بالتعرف على الوطن بشكل أقرب ومشاهدة المزيد من مناطق الوطن في المستقبل القريب إن شاء الله.

كما وأكد رئيس الهيئة الإدارية السيد ماجد طبيلة على أن هذا البرنامج القائم على الزيارات الداخلية لمحافظات الوطن وآثارها يهدف إلى تعريف الشباب بوطنهم وتاريخه وأهمية المحافظة عليه وتعزيز انتمائهم للوطن كما وسيكون هنالك زيارات أخرى بشكل شهري .

و أشارت فرح قفاف المدير العام لجمعية أيدي جيل المستقبل ان الهدف من البرنامج هو تعزيز انتماء المشاركين للوطن من خلال المعرفة التاريخية و أهم معالمها التراثية و العمرانية و السعي للمحافظة على الهوية الفلسطينية و تراثها العريق .

وتنوي الجمعية كما أشارت قفاف إلى تنظيم الرحلة الثانية إلى بلدة سبسطية شمال نابلس بعد أسبوعين، لتسليط الضوء عليها ونشر الثقافة الوطنية المتعلقة بها.


طباعة